حقيقة التقارب بين دحلان وحماس

مقال شاركت في اعداده
ما حقيقة التقارب بين حماس ودحلان؟
الإثنين 24/أكتوبر/2016

خاص – فلسطين نت تزايدت في الأيام الأخيرة الأحاديث عن مصالحة مرتقبة بين حركة حماس والقيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، ويستدل البعض على ذلك بالتطورات الأخيرة التي شهدها قطاع غزة، مثل إطلاق سراح القيادي الفتحاوي زكي السكني المتهم بتفجير راح ضحيته عدد من قادة القسام بغزة عام 2008م، أو الوعود المصرية بفتح معبر رفح لفترات أطول.
وبينما تنفي حماس وجود تقارب كما جاء ذلك في لقاء القيادي فيها صلاح البردويل مع وكالة قدس برس، حيث أكد على أن إطلاق السكني لم يكن مربوطًا بأي صفقة بين حماس ودحلان، الأمر الذي تعززه رواية وزارة الداخلية في غزة، التي قالت إن إطلاق سراح السكني أمرٌ قضائيٌ بحت؛ فالرجل أنهى ثلثي مدة محكوميته، ويعاني من أمراض مزمنة وطلب العلاج في الخارج.
وفي ذات الوقت، يأتي تصريح للناطق باسم الحركة سامي أبو زهري شاكرًا السلطات المصرية فتحها معبر رفح على مدار الأسبوع الماضي، لتطرح تساؤلات هامة إن كان هناك ما يجري تحت الطاولة.
وفي هذا الصدد توجه موقع فلسطين نت إلى عدد من المتابعين والمحللين الفلسطينيين لسماع رأيهم حول العلاقة بين حماس ودحلان، وحقيقة ما يقال عن وجود صفقة بين الطرفين.
فما حقيقة ما يثار حول هذا الأمر؟ 

الدكتور عدنان أبو عامر المحاضر بالجامعة الإسلامية قال إنه “ليس بالضرورة أن يكون هناك تقارب حقيقي وجديّ بين الجانبين”، واصفًا ما يجري بأنه “حالة من تبادل المصالح والتقارب المؤقت لاعتبارات ميدانية معيشية ليس أكثر”، مؤكدًا “لا يمكن الحديث عن تحالف أو تقارب جدي في ضوء تباعد الجانبين من الناحية السياسية والفكرية بشكل كبير”. 
أما الباحث محمد حمدان فيرى أنه في ظل صعوبة الأوضاع في قطاع غزة من الممكن أن تعقد حماس تفاهمات محدودة حول قضايا فرعية، مثل الإفراج عن بعض أنصار دحلان مثل السكني أو السماح لأنصاره بالتحرك بحرية أو عقدهم لمؤتمرات، ويرى حمدان أن كل قضية لها ثمنها، سواء على صعيد فتح المعبر أو إدخال أموال لغزة أو الإفراج عن معتقلين في مصر. 
وأشار حمدان إلى أن عقد صفقات مع دحلان “أمر طرح على حماس منذ فترة ولكن الحركة كانت مترددة قليلًا وذلك لخوفها من دحلان، وفي المقابل دفعت بعض العناصر داخلها أمثال أحمد يوسف لتطوير هذه العلاقة لحلحلة الوضع المعقد في قطاع غزة، بعدما تنكرت حكومة الحمد الله لاتفاقها مع حماس، ولم تعمل أي شيء يذكر لقطاع غزة”.
فيما يرى الكاتب حسام الدجني أن هناك تقارب بين حماس ودحلان سببه انسداد الأفق وانعدام خيارات حماس في رفع الحصار وفتح المعابر، ويرى أن دحلان بإمكانه أن يساهم في خلخلة تلك الملفات نتيجة علاقاته الواسعة مع الرباعية العربية، “وفي المقابل هو يدرك استحالة تحقيق أهدافه بالعودة لحركة فتح دون قطاع غزة، وهذا لن يكون دون تقارب مع حماس”، على حد قوله.
ويعتقد الدجني أن سرعة الأحداث مؤخرًا مرتبطة بالمؤتمر السابع لحركة فتح؛ حيث يريد دحلان حسم الملف قبل المؤتمر وقبل تعيين نائب للرئيس عباس، واصفًا إطلاق سراح السكني وزيارة جليلة دحلان لغزة بأنها “خطوات بناء ثقة بين الطرفين؛ حيث يدرك الطرفان عمق الخلاف والكراهية وابتعاد البرامج ما يتطلب خطوات بناء ثقة كي يستطيع إقناع كل طرف جمهوره بما يجري”، ويرى أن هنالك صفقة تتضح معالمها يومًا بعد يوم، “وعدم الإعلان الرسمي سببه الخشية من تقويض هذه الجهود من قبل أبو مازن ومن قبل أطراف حمساوية ترفض التقارب مع دحلان”.
وفي المقابل يرى المحلل السياسي إبراهيم المدهون أنه “من المبكر الحديث عن تقارب بين حماس ودحلان، وما نشهده الآن ربما هو تجميد الخصومة السياسية والتراشق الإعلامي؛ فحماس تعتمد على التعامل مع طرف في حركة فتح ممثلًا رسميًا، ولهذا معظم محاولاتها للمصالحة جرت مع الرئيس محمود عباس الذي أقفل الباب في وجهها مرارًا وتكرارًا”.
ووافق المدهون رأي سابقيه بأن إطلاق سراح السكني يأتي في سياق طبيعي بعدما قضى أكثر من ثلثي المدة، وأيضًا للتخفيف من حالة الاحتقان وبث رسائل إيجابية، وأما استثمار دحلان لخروج السكني واحتضانه واستغلال ورقته “فهذا شأن فتحاوي داخلي أكثر منه خطوة حمساوية محسوبة”.
كما نفى المدهون أي أبعاد سياسية لزيارة جليلة دحلان إلى غزة، مؤكدًا على أن حماس لم تمنعها في السابق من زيارة غزة لتمنعها اليوم، واصفًا الكلام عن صفقات “بالشائعات ومبالغات ليس لها رصيد قوي على أرض الواقع، وربما ساعد في تعزيز الشائعة خطوات النظام المصري التخفيفية وفتح المعبر وعقد مؤتمر حول القضية الفلسطينية”، ووافقه الرأي الدكتور عدنان أبو عامر مؤكدًا على أنه من الصعب الجزم بوجود صفقة بين الطرفين، فالأمور “مازالت في نطاق المبادرات الإنسانية”، على حد قوله.
محمد عمر الباحث السياسي، أكد كذلك على أنه “من الصعب على حماس أن تعقد اتفاقًا شاملًا مع دحلان ليكون خليفة محمود عباس، فحماس ليس من السهل عليها تجاوز ماضيها مع دحلان، خاصة وأنها لا تثق فيه مطلقًا”.
ولكن ما هي مصلحة كل طرف من هذا التقارب؟ 

في هذا الجانب، يرى الدكتور عدنان أبو عامر أن دحلان يريد بكل ثمن العودة إلى الأراضي الفلسطينية؛ لتأسيس موطئ قدم سياسي له ليتحرك مع أنصاره وكوادره للتأسيس للمرحلة القادمة، “فاستمرار وجوده خارج الأراضي الفلسطينية نقطة ضعف بحقه”، على حد قوله.
وأضاف أبو عامر “طالما أن الضفة عليها فيتو من أبو مازن يمنعه من دخولها، مع إمكانية تقديمه لمحاكمة قانونية وقضائية بتهم فساد وقتل فلسطينيين، فهو يرى أن غزة تشكل منطلق مهم له للعودة إلى الضفة، خاصة في ظل امتلاكه قاعدة فتحاوية كبيرة فيها”.
وبدوره يعتقد الكاتب حسام الدجني أن “حماس تستطيع الاستفادة من دحلان من خلال التخفيف عن كاهل شعبنا في قطاع غزة عبر فتح معبر رفح وتخفيف الحصار وضخ المساعدات للقطاع، وترميم العلاقة بينها وبين الرباعية العربية وعلى وجه الخصوص مصر”.
كما أنها تسعى “لاستفزاز الرئيس محمود عباس ودفعه باتجاه دفع استحقاقات المصالحة الشاملة”، بالإضافة لإدراك الحركة “بأن أصل المشكلة في القطاع هي بين تيار دحلان وبين حماس، واتمام المصالحة قد يعزز ويدعم تماسك المجتمع الفلسطيني عبر اتمام المصالحة المجتمعية”.
“إسرائيل”.. ما موقفها مما يجري؟ 

“أي اتفاق أو تفاهم بين دحلان وحماس بحاجة لموافقة أطراف كثيرة أهمها مصر وإسرائيل”، هذا ما أكد عليه الباحث محمد حمدان في هذا الجانب، والذي أضاف بالقول: “حسب التسريبات المتداولة يبدو أن مصر موافقة على هذه التفاهمات (إن وجدت) ولكن إسرائيل لم تبدِ رأيًا حول هذا الموضوع”.
 ويردف حمدان “يبدو لي أن إسرائيل في انتظار نتيجة متبلورة لهذه التفاهمات تعرض عليها لتبدي موقفها حولها، ولكن عمومًا الموقف الإسرائيلي سينطلق من نقطتين: مصير الجنود الصهاينة الأسرى في قطاع غزة، وأن أي تفاهمات يجب أن تشمل حلًا لقضيتهم، بالإضافة لرؤية إسرائيل لمستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة وأن أية تفاهمات لا يجب أن تتجاوز هذه الرؤية”.
من جانبه أكد الدكتور أبو عامر أن إسرائيل ليست بعيدة عن كل ما يحدث في الشارع الفلسطيني ومعنية أن تكون الأمور تحت سيطرتها، “قد تكون تراقب عن بعد بدون تدخلات ميدانية مباشرة، لكنها موجودة في صورة المشهد بصورة أو بأخرى، إما من خلال المتابعة الميدانية لما يحصل أو من خلال دعم طرف على حساب طرف”.
ومع اتفاق الكاتب حسام الدجني مع رأي سابقيه، إلا أنه عبر عن اعتقاده بأن إسرائيل “قد ترحب بهذا التقارب؛ للضغط على عباس لتقديم المزيد من التنازلات”.

 

أضف تعليق