الشهر: نوفمبر 2023

حوار تحت النار

المفاوضات التي تجريها قطر بين المقاومة الفلسطينية واسرائيل في ظل رعاية أمريكية تواجه عقبات وتحديات وتعقيدات كبيرة ولا يمكن حسم نتائحها الا من خلال المعركة لأن نتائجها كبيرة وتعتمد على نتائج المعارك العسكرية والسياسية والإعلامية وتستخدم فيها كل اوراق الضغط اسرائيل تضغط بأقصى ما عندها لأنها تدرك خطورة نتائج ومخرجات هذه المعارك العسكرية والسياسية وعلى راي المثل الفلسطيني الموت مر والشراد فضيحة وحماس وحلفاؤها تضغط بأقصى ما عندها الطرفان عندما تتعثر المفاوضات يوصلان الأمور إلى حافة الهاوية قبل أن ينزع الوسطاء فتيل الانفجار الوضع شديد التعقيد والتداخل خاصةً في ظل ارتفاع وتيرة التصعيد بين إيران وامريكا وتصاعد الصراعات العالمية في اوكرانيا وفنزويلا واليمن والعراق ولبنان ومن الممكن أن نشهد توترات في آسيا مما ينذر ببوادر حرب عالمية وهذا ما يجبر الإدارة الأمريكية على تهدئة جبهة غزة

أطراف عدة بدأت الاستعداد لما بعد المعركة وبدأت تعد السيناريوهات والمخططات لذلك ولكن كل ذلك يعتمد على نتائج المعركة وسيناريوا ما بعد المعركة ستحدده الأطراف المشاركة في المعارك حسب معطيات المعركة العسكرية والسياسية والاعلامية

فصائل اليسار ومنظمة التحرير الفلسطينية

لا تمل فصائل اليسار من ترديد مقولة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وحتى نناقش هذه المقولة بشكل علمي يجب توضيح عدة نقاط

١_ منظمة التحرير شكلتها الجامعة العربية عام ١٩٦٤ وتم إعادة تشكيلها عام ١٩٦٨ ومنذ ذلك الوقت بقيت على نفس التشكيل

٢_ منظمة التحرير هي من وقعت على وثيقة الاعتراف باسرائيل ونبذ الإرهاب ووقعت على اتفاق أوسلو وبقية الملاحق من اتفاقية باريس الاقتصادية وغيرها وهي من شكلت السلطة الفلسطينية وقوى الأمن الوطني وهي التي تنفذ اتفاق أوسلو والتنسيق الأمني وهي الملتزمة بكل قرارات الأمم المتحدة والمبادرة السعودية التي كانت المدخل لاتفاقيات التطبيع بين الدول العربية واسرائيل

٣_ عقد اجتماعان للمجلس الوطني منذ توقيع اتفاق أوسلو الاول كان في غزة بحضور كلنتون لتعديل الميثاق الوطني أما الاجتماع الثاني فعقد في رام الله وتم استثناء معارضي أوسلو من المشاركة وتحكمت اسرائيل بمن يحضر من خلال منح تصاريح الدخول وتم اضافة عدد كبير من الاعضاء بشكل غير ديمقراطي وفي نهاية الاجتماع منح صلاحياته إلى المجلس المركزي الذي لم يعقد اي إجتماعات من منذ فترة طويلة مما يجعله في حكم المنحل أما اللجنة التنفيذية فقد استقالت السيدة حنان عشراوي منها وقالت إنه لا يتم التصويت على قراراتها ولا تعقد اجتماعات بشكل دوري ولا يتم مشاورتها في شيء وقد طالبت العديد من الفصائل بعقد اجتماع لها خلال الحرب على غزة ولم يعقد إلى الان وعقد اجتماع لما بعرف بالقيادة الفلسطينية وهو إطار فضفاض غير محدد العضوية ولا توجد له آلية واضحة لاتخاذ القرارات

٤_ عندما فاوضت حماس وبعض الفصائل للدخول في إطار المنظمة طلب منها الالتزام بالإطار السياسي الذي تتبناه المنظمة والتزامات المنظمة ومنها وثيقة الاعتراف باسرائيل ونبذ الإرهاب و اتفاق أوسلو وملحقاته والمبادرة السعودية

٥_ عندما حدث الانقسام تم منع أعضاء كتلة الإصلاح والتغيير وهي الحاصلة على الأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان من دخول مقر المجلس التشريعي في رام الله وتم تشكيل لجنة الكتل البرلمانية من كل كتله عضو واستثنيت كتلة الإصلاح والتغيير وأصبحت هذه اللجنة هي من تتخذ القرار باسم المجلس التشريعي وهذا اعتبر تجاوز لأغلبية الشعب الفلسطيني لصالح محاصصة فصائلية وكذلك طالب جمهور المعلمين بإجراء انتخابات حرة لاتحاد المعلمين أحد هيئات المنظمة فرفضت هذه الفصائل ءلك وأصرت على اعتماد المحاصصة كطريق وحيد لتشكيل الاتحاد وهذه الطريقة التي تشكل بها كل هيئات المنظمة

وبناء على ذلك فإن منظمة التحرير الفلسطينية هي منتدى سياسي تحمل توجهات سياسية محددة ويتم تشكيلها وفق آلية تضمن سيطرة فصائل هامشية على القرار الفلسطيني الرسمي وإذا أرد الرفاق جعلها ممثل شرعي ووحيد يجب أن يعاد تشكيلها بحيث تضم كافة التوجهات السياسية ويتم تشكيلها ضمن آلية ديمقراطية تضمن من تمثيل توجهات الشعب الفلسطيني

هل سكوت السلطة خلال الأفراج عن الأسرى كان بقرار ام هو انحناء أمام العاصفة؟

كان لدى السلطة الفلسطينية حساسية خاصة تجاه رفع رايات حماس في الضفة الغربية وقامت بتفريق المظاهرات التضامنية مع غزة عند رفع رايات حماس وعندما هاجمت اسرائيل المستشفى المعمداني في غزة خرجت مظاهرات كبيرة في الضفة الغربية وقمعتها السلطة بحجج مختلفة ومنها مظاهرة كبيرة خرجت في وسط رام الله فقمعتها السلطة خلال بث مباشر لقناة الجزيرة والقنوات الأخرى وشاهد العالم القسوة في القمع وهو ما أدى إلى استشهاد احد المحتجين واستمرت السلطة في القمع واعتقال النشطاء الذين خرجوا لدعم المقاومة في غزة وخرج الكثير من الناطقين باسم منظمة التحرير وحركة فتح بتصريحات غير لائقة ومنها استعداد السلطة القيام بدور بعد الحرب وحديث نبيل ابو ردينة أن حماس خارج الشرعية الفلسطينية وكان لهذه التصريحات أثرا سلبيا على العلاقة بين المقاومة في غزة والسلطة ولم يحاول قادة السلطة إجراء اتصالات علنية أو عقد اي اجتماعات مع الفصائل الفلسطينية المقاومة في غزة تصريحات السلطة استخدمتها اسرائيل في محاولة تجريم المقاومة وأنها لا تمثل الشعب الفلسطيني حركة حماس أبدت انزعاجها من تصرفات السلطة ولكنها لم ترد عليها

ولكن السلطة خلال عمليات الإفراج عن الاسرى سكتت ولم تحاول القيام بدور أو مواجهة المحتفلين الذين رفعوا رايات حماس وسط رام الله وباقي مدن الضفة في مشهد غير مسبوق في السنوات الأخيرة البعض اعتبره نوع من الاحتجاج على توقف الدعم المالي عن السلطة مما أثر على قدرتها على الايفاء بالتزاماتها والبعض الآخر يعتبره قراءة سياسية جديدة مختلفة عن التي كانت عندها في بداية الحرب وان حماس بقيت رقم صعب وعززت موقعها في المعادلات الدولية ولا يمكن تجاوزها في أي مقاربات سياسية بعد الحرب لذلك تحاول السلطة عدم استفزازها حتى تستطيع الدخول الى المعادلات السياسية بعد الحرب في ظل الحديث عن الإفراج عن القيادي مروان البرغوثي واجتماع قيادة حماس مع ناصر القدوة وسمير المشهراوي القيادات المفصولة من فتح وهذا مؤشر أن حماس تحاول سحب البساط من قيادة السلطة وفتح في رام الله والبعض اعتبره انحناء أمام عاصفة التضامن مع غزة وهو انحناء مؤقت

ما هي آفاق التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة

حسب المعطيات الحالية أن اسرائيل لن تعود إلى الحرب وان عادت ستكون حرب تكتيكية محدودة ولكن السؤال المطروح هل هناك إمكانية لعقد اتفاقية شاملة في هذا الوقت القصير ؟ الجواب لا لعدة أسباب أهمها

١_ الاتفاق معقد وهناك الكثير من التفصيلات التي لن يستطيع القفز عليها لا نتنياهو ولا السنوار

٢_ نتنياهو بحاجة إلى وقت لتهيئة الرأي العام الاسرائيلي للقبول بثمن الصفقة

٣_ نتنياهو يريد صرف نظرة الجمهور الاسرائيلي والعالمي عن الكثير من معطيات الحرب

لذلك يسعى نتنياهو إلى اشغال الناس في الصفقة وتوجيه أنظارهم إليها ومتابعة تفاصيلها والعقبات التي تظهر في طريق تنفيذها وذلك من خلال عقد صفقات جزئية لفترات محدودة متلاحقة يحافظ من خلالها على تماسك المجتمع الاسرائيلي ويصرف نظر العالم عن الجرائم التي ارتكبت في غزة

تأثير أحداث ٧ اكتوبر على التيارات السياسية في العالم العربي

ما بعد الربيع العربي شهدت التيارات السياسية انقسامات حادة وقطيعة غير مسبوقة ودخلت بعضها في حالة من الهزيمة والضياع وانعدام البوصلة والامل وعدم وجود رؤية مستقبلية وانحدر الوضع العربي إلى وضع غير مسبوق حتى جاءت احداث ٧ اكتوبر فوجهت ضربة في الرأس إلى العقل الجمعي العربي واعادت الثقة للإنسان العربي ووجهت ضربة إلى المنظومة الاستعمارية التي سعت في السنوات الماضية إلى تصفية القضية الفلسطينية وتدمير العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن وهزيمة المنظومة الحضارية العربية الإسلامية السائدة في المنطقة والتسليم بهيمنة المشروع الاستعماري الغربي بقيادة اسرائيل على المنطقة

هذا التغير الاستراتيجي يحتاج من قيادات هذه الحركات ومن النخب الفكرية والسياسية والفكرية إعادة إنتاج مشروع عربي إسلامي نهضوي يواجه المشروع الغربي الاستعماري وينهض بالأمة مستفيدين من الرؤية والفكر والتجربة والممارسة للمقاومة الفلسطينية التي هزمت اسرائيل في عقر دارها وتواجه الغرب أخلاقيا وحضاريا ووقف حالة الانهيار والجري خلف اصوات الفرقة والفتنة التي تريد انتاج حروب داحس والغبراء التي ما أن تصحوا الأمة منها قليلا حتى يعاد تذكيرها بثاراتها حتى ترجع تدور في دائرة مفرغة من العبث الحضاري

أن أحداث ٦ اكتوبر أنقذت مصر والسعودية واليمن ولبنان وليبيا والعراق وسوريا من التقسيم والتبعية المطلقة للغرب والتسليم بهيمنة اسرائيل على المنطقة فانهضوا يا عرب وقدموا مشروع حضاري للعالم

المقاومة الفلسطينية في عصر ما بعد الحداثة ودورها في تحشيد الجماهير

كان لافتا قدرة الحراكات الشبابية في الضفة الغربية والعالم العربي وأغلبية دول العالم على تحشيد الجماهير وإسناد المقاومة إعلاميا وسياسيا وفكريا وحتى لوجستيا واستخدمت هذه الحركات مواقع التواصل في الحشد وترتيب الفعاليات والاعلان عنها والتوافق على الشعارات فقد تم تنظيم ملايين الفعاليات في كل دول العالم التي شارك فيها ملايين النشطاء وبلورة الرؤية السياسية ودحض الرواية الاسرائيلية والأمريكية وطرح رواية فلسطينية أخلاقية مقاومة اسرائيل وحلفاءها حاولوا قمع هذه التحركات وضغطوا على مواقع التواصل الاجتماعي لحظر الرواية الفلسطينية ومنعها من الانتشار واستجابت شركة ميتا التي تملك الفيس بوك والانستغرام وحظرت ملايين الحسابات المؤيدة لفلسطين وفرضت رقابة شديدة على المحتوى الفلسطيني أما شركة توك توك فقد أعلنت أنها حظرت أكثر من ١.٦ مليون شريط فيديو مؤيد للقضية الفلسطينية وتم الضغط على موقع x للتشديد على المحتوى الفلسطيني المؤيد للمقاومة ولكن كل هذه الإجراءات لم تستطيع الوقوف في وجه طوفان المحتوى الفلسطيني الذي اخترق كل الحدود ووصل إلى كل بيت في العالم واستطاع هؤلاء الشباب دحض الرواية الاسرائيلية وإثبات خطأها بشكل منهجي موثق وتراحعت اسرائيل عن اغلب رواياتها ومقارباتها ونبش الشباب في تاريخ الصراع واعادوا إنتاج الوعي لمظلمة الشعب الفلسطيني لأكثر من قرن من الزمان واستطاع النشطاء اختراق عشرات المواقع الإلكترونية للجيش الاسرائيلي والمؤسسات الأمنية وتقديم معلومات ثمينة للمقاومة أما في امريكا وأوروبا فقد استطاع النشطاء إعادة الاعتبار للقيم الأخلاقية الانسانية وعدم قبول مبدأ الانتقائية في التعامل مع الممارسات الاسرائيلية ومواجهة نفوذ الشركات ونخبة المال التي أصبحت تهيمن على العالم

فكر المقاومة وممارستها المنضبطة والأخلاقية على الأرض وخطابها الإعلامي المتزن لاقى صدى من مختلف النشطاء والحركات الاجتماعية والسياسية في العالم وأصبح هناك تأييد منقطع النظير لهذه المقاومة وأصبحت اسرائبل وحلفاءها في موقع المدافع الضعيف عن ممارسات غير أخلاقية وخطاب اعلامي متعجرف ومغرور

مسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي أدرك ابعاد ما يحدث وقال إن حماس فكرة والفكرة لا يمكن إلقضاء عليها

ما بعد التهدئة

السؤال المطروح هل ستتجدد الحرب بعد انتهاء التهدئة المؤقته ؟ ام هل ستكون بداية لهدنة طويلة الأجل ؟

وحتى نستطيع الإجابة على هذا التساؤل لا بد من الرجوع الى الأهداف الاسرائيلية للحرب على غزة وأولها هو استعادة الرهائن وهذا الهدف ثبت أن من الممكن تحقيقه من خلال التبادل ودون معاودة الحرب

أما الهدف الثاني فهو القضاء على حماس وحتى نفهم هذا الهدف يجب علينا أن نتعرف على طبيعة حركة حماس فهي اولا حركة تحرر وطنية فلسطينية وهي موجودة في كافة أماكن تواجد الشعب الفلسطيني ولها في غزة جناح عسكري قوي يقاتل واستطاع ايقاع خسائر كبيرة في جيش الاحتلال الاسرائيلي وهذا بدوره أضعف الثقة في الجيش والمنظومة الأمنية الاسرائيلية من قبل المواطن الاسرائيلي والمنظومة الغربية

وثانيا فإن حماس تمثل القوى الإسلامية السنية المناهضة للمشروع الاستعماري الغربي وهي مثال يحتذى به ووجودها يعيق الهيمنة الاستعمارية على المنطقة العربية والإسلامية

لذلك تلتقي مصالح اسرائيل والقوى الغربية في هذا الهدف ولكن كيف يمكن تحقيق هذا الهدف وهذا الهدف ليس جديدا فهو معلن منذ سنوات طويلة أعلنته اسرائيل في ١٩٨٩ وجددته في أعوام ١٩٩٢ و ١٩٩٤ و ١٩٩٦ و ٢٠٠١ و ٢٠٠٦ و ٢٠١٤ و ٢٠٠٣١ ولكن هذا الهدف تجدد طرحه بقوة بعد أحداث ٧ اكتوبر اسرائبل أرادت القضاء على حماس بالقوة العسكرية والغرب تشكك في قدرة اسرائيل بتحقيق ذلك من خلال القوة العسكرية وكان أمامه عدة نماذج للتعامل مع حركات المقاومة في المنطقة أولها نموذج كتائب السلام في الرملة التي اجهضت ثورة عام ١٩٣٦ الفلسطينية وثانيها قوات الجامعة العربية ومؤتمر الشونة التي اجهضت الثورة عام ١٩٤٨ وثالثا استدراج منظمة التحرير عام ١٩٨٢ إلى مربع المفاوضات المفتوحة وثالثا نموذج الصحوات في العراق ورابعا نموذج الفوضى الخلاقة في سوريا

اسرائيل استخدمت اغلب هذه النماذج بشكل أو بآخر ولكنها فشلت لعدة أسباب موضوعية وبسبب ذكاء هذه الحركة والاستفادة دائما من التغذية الراجعة لذلك كان قرار اسرائيل بالضغط العسكري غير المسبوق في التاريخ لتطويع هذه الحركة وجعلها تقبل بالاملاءات الاسرائيلية والأمريكية وهذا ما ثبت فشله في الأيام السابقة وساهم في زيادة التعاطف معها وتقوية حضورها وحضور قوى النهضة المناهضة للمشروع الاستعماري الغربي لذلك ستضغط القوى الاستعمارية الغربية لوقف الحرب ومحاولة ترميم الضرر الذي أصاب مشروعها في الهيمنة على المنطقة ولكن قد لا تلتزم إذا شعرت أن بإمكانها تحقيق هذا الهدف بالوسائل العسكرية وخاصة إذا حصلت على معلومات توصلها إلى الرهائن وقيادة حماس في غزة وهذا يعتمد على ما يحصل خلال أيام الهدنة

لبنان والحرب على غزة

كان لافتا سكوت النخبة السياسية اللبنانية عن تحركات حماس وكتائب القسام في لبنان خلال الحرب على غزة وقبلها بقليل وحتى نفهم محددات الموقف اللبناني لا بد الإشارة إلى عدة قضايا

١_ مع انتهاء الحرب الأهلية في سوريا وعودة عناصر حزب الله الى لبنان تعقد المشهد السياسي في لبنان وتم طرح موضوع سلاح حزب الله وتدخلت أطراف عربية ومنها السعودية التي اوقف دعمها للبنان مما اوصل الاقتصاد اللبناني إلى حافة الهاوية وزاد من تعقيد المشهد موضوع ترسيم الحدود البحرية مع دولة الاحتلال الاسرائيلي وهددت أطراف داخلية وخارجية من اندلاع الحرب الأهلية وهذا اوجد كابوسا عند الشيعة الذين ارهقتهم الحرب في سوريا وعند المسيحيين ونخب السنة التي باتت تخشى على مصالحها الاقتصادية وعلى النسيج الاجتماعي في لبنان وبات الجميع يخشى من إعادة إنتاج المشهد السوري

٢_ موضوع الحديث عن توطين الفلسطينيين في لبنان في إطار مشروع كبير ترعاه السعودية أزعج أطراف كثيرة في المعادلة اللبنانية وبالذات المسيحيين والشيعة

في هذا التوقيت برزت حماس في المعادلة اللبنانية واعلنت عن تشكيل جناح عسكري لها في لبنان ودخل عدد كبير من قيادات حماس السياسية والعسكرية الى لبنان وجرى إعادة تشكيل تنظيم فلسطيني قوي في لبنان متفاهم مع كافة الأطراف في المعادلة اللبنانية ومنها حزب الله وحركات السنة والجيش اللبناني ومن الممكن أطراف مسيحية هذا الدخول أزعج بعض الأطراف الفلسطينية وحاولت جر الحيش إلى المخيمات ولكن الجيش لم يدخل وترك الأمور تحسم لصالح طرف يستطيع ضبط الأمور في المخيمات

هذه المقاربة جعلت حماس تستوعب اغلب فصائل السنة الفلسطينية واللبنانية وجعلها تعمل في إطار التفاهمات مع الأطراف اللبنانية المختلفة وجعل بوصلتها موجهة نحو الاحتلال الاسرائيلي مما جنب لبنان شبح الحرب الأهلية

وثانيا حزب الله لا يستطيع العمل من الجنوب لأنه ملتزم بالاتفاقيات التي وقعتها الحكومة مع اسرائيل وترسيم الحدود ونا بعرف بالخط الازرق أما الفلسطيني فهو يريد العودة إلى بلاده غير ملتزم نظريا بهذه الاتفاقات وهذا يفتح موضوع المخيمات وإخراجهم من لبنان

السنة سيشعرون بالأمان في ظل وجود قوة عسكرية سنية منضبطة ومتفاهمة مع كل الاطراف في المعادلة اللبنانية

أما اسرائيل وامريكا والسعودية فهي تبدو منزعجة ولكنها باتت تخشى من دور حماس في تحشيد السنة في لبنان وسوريا والعراق وتوجيههم ضد المصالح الاسرائيلية والأمريكية في ظل المصالحة مع نظام الأسد وتطور العلاقة مع روسيا والتحالف الاستراتيجي مع إيران ومحور المقاومة

خيارات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير في ظل الواقع المتازم

الخروج من نفق أوسلو ليس سهلا فهو وضع قيود شديدة على السلطة صعب عملية خروجها منه ولم يعد متاحا تحقيق الحقوق الوطنية من خلاله وأصبح غطاءا لتمرير تهويد القدس والاقصى والضفة الغربية واستمرار الحصار على غزة

الامريكان والاسرائيليين يتحدثون عن إعادة صياغة السلطة وجعل الرئيس محمود عباس مجرد واجهة شكلية للتغطية على ترتيبات كثيرة أو كما كان يقول الرئيس ابو عمار يريدون مني أن أكون مثل ذكر النحل وهذا يجهض المشروع الوطني ولا أعتقد أن الرئيس محمود عباس وحركة فتح سيوافقون على ذلك ولكن ما هي خياراتهم ؟

أعتقد أن أمام الرئيس محمود عباس وحركة فتح خيار وطني قوي ويراعي الكثير من التعقيدات

أولها أن يخرج الرئيس إلى الخارج ويوقع على مرسوم يعطي صلاحياته الى رئيس الوزراء لحين إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية للسلطة ومن ثم يقدم استقالته من رئاسة السلطة

ثانيا يقوم بدعوة الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس والجهاد وشخصيات وطنية من الداخل والخارج ويقوم بتشكيل حكومة منفى تعرض على الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي للاعتراف بها ومن ثم تقديم مشروع لمجلس الأمن والجمعية العامة للاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس خارج إطار اتفاق أوسلو هذه الحكومة تستطيع حصد انجازات الحرب على غزة وإعادة الإعمار وإجراء المفاوضات مع الدول الكبرى على كل القضايا الوطنية وتجنب شعبنا شبح التهجير وتهويد الضفة والمسجد الأقصى وتضمن حقوقه الوطنية

ثلاثة مشاريع كبرى افشلتها او أعاقت تنفيذها احداث 7 اكتوبر

كان لافتا حديث بايدن في المؤتمر الصحفي حول الهدنة الإنسانية في غزة أن حماس سعت من خلال الحرب لإفشال اعتراف السعودية باسرائبل والخطة الاقتصادية لربط أوروبا بالهند عن طريق الامارات و السعودية هذا المشروع تحدث عنه نتنياهو بالتفصيل وذكر أن اسرائيل تلعب فيه دورا مركزيا وهو خط بري وسكة حديد وأنابيب سيوصل بين بحر العرب وموانىء المتوسط وخط بحري يصل بين الهند وبحر العرب وبين موانىء دولة الاحتلال وأوروبا وهذا المشروع ستموله السعودية والإمارات وسينقل النفط والبضائع بين الهند وآسيا وأوروبا وهذا المشروع كما ذكر نتنياهو سيغير وجه المنطقة

أما المشروع الثاني فهو يتعلق بترتيبات السماح لليهود بإقامة الشعائر اليهودية في المسجد الأقصى وكانت أوساط الصهيونية الدينية تتحدث أن إقامة الشعائر باتت قريبة ومنها ذبح القرابين وإقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى بعض الأوساط تحدثت أن هذا الترتيب كان جزء من اتفاق التطبيع السعودي الاسرائيلي لتمرير هذه الخطوة دون أن تثير احتجاجات واسعة في الشارع العربي والإسلامي وهناك ترتيبات تتعلق بالاستيطان ومستقبل الضفة الغربية

أما المشروع الثالث فهو مشروع غاز المتوسط وقد دلت الدراسات أن هناك بئرين كبيرين للغاز كبيرة جدا الاول عند النقطة الحدودية بين لبنان واسرائيل والثاني قبالة شواطىء غزة الاوربيين متحمسين للمشروع لانه بخلصهم من الاعتماد على الغاز الروسي وكان يعيق تنفيذ المشروع عدم ترسيم الحدود البحرية بين لبنان ودولة الاحتلال وتم الضغط على لبنان للموافقة على الترسيم وبالفعل تم ذلك والمعيق الثاني الحكم في غزة وهذا العامل هو المعيق لكل المشاريع الثلاثة لذلك كان هناك خطة اسرائيلي للقضاء على حماس

القيادي في حماس صالح العاروري صرح في بداية الحرب أن لدينا معلومات موثقة عن مخطط للقضاء على حماس وتهويد المسجد الأقصى والضفة الغربية لذلك قمنا بضربة استباقية في 7 اكتوبر وتحدثت بعض المصادر الإعلامية أنه كانت هناك تجهيزات للسماح لليهود بإقامة كنيس بعد الاعياد اليهودية مباشرة والاعلان عن مشاريع استيطانية كبيرة وضرب حماس إذا أبدت اي احتجاج

لا نستطيع التأكد أنه تم إفشال هذه المشاريع ولكن هدف القضاء على حماس هو هدف استراتيجي لاسرائيل ومسألة حياة أو موت وما يعيق ذلك هو صمود حماس في غزة والرأي العام العربي والإسلامي والعالمي المتصاعد ووقوف بعض الدول المتضررة من هذه المشاريع مع حماس ومنها إيران ولبنان واليمن والعراق وروسيا والصين ومصر والباكستان وتركيا للان مستوى التضامن محدود ولكن من الممكن يتطور ويعيق ذلك ويعاد صياغة التحالفات وشكل القوى ومواقع التأثير في العالم